والدليل على أن الإيمان يزيد وينقص، الإجماع وهو أقوى الأدلة لأنه لابد أن يستند إلى نص إما بدلالة ظاهرة، وإما بدلالة خفية، المهم أنه مستند إلى نص ولو إلى عمومات النصوص، فأجمع أهل السنة والجماعة على أن الإيمان يزيد وينقص.
ومن النصوص الصريحة التي استند إليها الإجماع في الحكم بزيادة الإيمان؛ قوله تعالى: ((أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا))[التوبة:124]، فهذه الآية من جملة أدلة صريحة في زيادة الإيمان.
أما النقصان فقد قال بعضهم: إنه لا يوجد دليل على أن الإيمان ينقص! وفي الحقيقة هناك دليل، وقد يقال: إن الآيات الدالة على الزيادة هي نفسها تدل على النقص؛ لأن ما يقبل الزيادة يقبل النقص وهذا كلام صحيح، لكن نريد أن نورد الأدلة النصية الصريحة التي تنص على النقص، وهنا حديث أصرح وهو أن الله سبحانه وتعالى في أول الأمر يأمر الشفعاء فيقول: {أخرجوا من كان في قلبه مثقال شعيرة} وفي رواية: {من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من إيمان} بعد ذلك يقول: {أخرجوا من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرة أو حبة} بعد ذلك يقول ثلاثاً: {أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة …} .
ومن الأدلة وصف النبي صلى الله عليه وسلم للنساء بقوله: {ما رأيت من ناقصات عقل ودين.. قيـل: وما نقصان دينها؟ قال: أليست تمكث الأيام لا تصلي؟! فهذا من نقصان دينها} لأن الصلاة من الإيمان، وقد ورد في القرآن إطلاق لفظ (الإيمان) على الصلاة، قال تعالى: ((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ))[البقرة:143] أي صلاتكم إلى بيت المقدس، كما في الحديث الصحيح الموضح لسبب نزول الآية.
على ذلك فالصلاة من الإيمان، ونقص الصلاة معناه نقص في الإيمان، فالمرأة أنقص ديناً من الرجل بهذا الاعتبار؛ لأنها أقل منه عملاً، فلو أن رجلاً وامرأة عاش كل منهما -مثلاً- خمسين سنة، فإن الرجل يصلي أكثر؛ لأن المرأة يمر عليها في كل شهر بضعة أيام لا تصلي فيها، وكذلك مع كل ولادة أربعون يوماً -تقريباً-.
ومن أدلة النقصان قوله صلى الله عليه وسلم: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان}.
وهكذا أيضاً في حديث عبد الله بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: {فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل} وهناك أدلة أخرى على نقص الإيمان، مثل حديث شعب الإيمان المعروف بروايتيه الصحيحتين: {الإيمان بضع وستون -أو بضع وسبعون- شعبة} فهذا يدل على أن الإيمان يتعدد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أنه شعب متعددة متنوعة، وهذا يدل على زيادة الإيمان ونقصانه.
وحديث حنظلة المشهور وفيه {ساعة وساعة} وهذا شيء يشاهده كل إنسان في نفسه أثناء حلقات الذكر وفي لحظات العبادة الصافية، أو وهو يطوف ببيت الله، أو يقرأ كتاب الله، أو حين يتأمل في ملكوت السماوات والأرض، أو يزور المقبرة ويتفكر في أحوال الموتى، أو يرى مصارع الغابرين وهلاك الأمم التي عصت الله سبحانه وتعالى، ويرى آثارهم، ففي هذه الحالات هل يكون إيمانه مثل ما يكون في حالة معافسة الأزواج والأموال؟!